بعد أن سعى الأمريكان وحلفاءهم من دول الغرب ودول الجوار العراقي على حد سواء إلى تدمير العراق وتدمير شعبه عبر
حصار جائر كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير واتت على القيم والمثل والمبادئ التي ورثها العراقيون جيلا بعد جيل, تبعها بعد العام 2003 تدميرا ممنهجا لأقدم حضارة عرفتها البشرية , حضارة تمتد جذورها إلى عصور ما قبل التاريخ و علمت الناس القراءة والكتابة والقانون والعلوم والأدب والثقافة والرسم وغيرت عالما متخلفا مشغولا بالحروب والتدمير ودفعته إلى الاستقرار والتفكير في بناء المدنية والحضارة التي أسست لعالم مشع وصل إلى الفضاء, ولم يكتفوا بذلك بل بثوا في جسد العراق أقذر الفيروسات البشرية و من افسد ما خلق الله على هذه المعمورة منذ نشأة الحياة ولن يأتي مثلهم حتى قيام الساعة, قذرين و أوغاد تربوا على نكران الأصل والذات هذا إن لم يكونوا لقطاء أصلا , أشباه رجال تشربوا بمبادئ الخيانة والخنوع بعد أن تم شراء ذممهم الرخيصة من قبل إيران وغيرها لتنقلهم من عالم التشرد والتشرذم إلى عالم القصور الفارهة والأرصدة الفلكية والسيارات المصفحة وأفواج الكلاب البشرية التي تلهث وراءهم لتحميهم من أشباههم؟؟؟ لم تتوقف حصيلة جرائمهم ودناءتهم عند تهجير و تشريد الملايين وتغيير الجغرافية السكانية لأناس عاشوا ألاف السنين جيلا بعد جيل في هذه الأرض المعطاء بل تعدت إلى طمس كل ما هو عراقي عمره بعمر الأرض الطيبة, دمروا الأعراف الاجتماعية و غيروا القوانين بمختلف أشكالها , أساءوا لرمزية المقدس وسفهوه إلى ابعد حدود التسفيه , أنشأوا جيلا لا علاقة له بالوطن الكبير ولا يعرف منه سوى أقاليم و عشائر و أمكنة, جيلا رسخت في دماغه فكرة عبادة الرموز الشخصية والتعصب الطائفي والتخندق العشائري, حتى حينما يقاتل عدوه فهو لا يقاتل دفاعا عن ارض العراق وإنما دفاعا عن رمز أو طائفة أو عشيرة وكأن تاريخ العراق العظيم العائد لعمق التاريخ قد أختزل في تلك المفاهيم. عرف العالم العراق بأنه بابل وسومر والميزوبوتاميا وهذه هي التي بقت لنا من عراقيتنا ومن ماء وجهنا الذي ((سخمه)) أوغاد السياسة وتجار الدين, كل العالم يتكلم عن بابل وعن حضارتها وتاريخها, في باريس ولندن وواشنطن وغيرها من مدن العالم نجد مناطق ومحلات وشوارع وساحات تحمل اسم بابل أو كما يسموها ((بابيلون)) لأنهم يعلمون أنها أولى الحضارات الإنسانية التي علمتهم القراءة والكتابة و نقلت البشرية من العمى إلى البصيرة , بابل حاضرة في كل زمان ومكان فهي إحدى عجائب الدنيا السبعة في العالم القديم وتحفة العالم الحديث, أثارها شاخصة للعيان وتحفها تملأ متاحف الدنيا و لا يكاد متحفا عالميا يخلو من تذكار لتلك المدينة العظيمة لتخليد تلك الحضارة الخالدة عبر الأجيال, بابل ذكرها الله في القرآن الكريم وفي الكتب السماوية الأخرى وذكرتها الميثولوجيات والقصص لأهميتها التاريخية, يأتي اليوم مجموعة من المتخلفين عقليا والمعاقين فكريا للدعوة إلى تغيير اسمها من بابل إلى مدينة الحسن كي يبينوا للعقول الساذجة التي سعوا بكل ما أوتوا من قوة على تجهيلها والأدمغة التي عملوا جاهدين على غسلها بأنهم قريبون من الله لأنهم يحيوا ذكر آل البيت عليهم السلام متناسين أنهم أساءوا بكل ما تمكنوا إلى تلك الرموز بتلك الخزعبلات والخرافات التي أشاعوها في المجتمع العراقي وقضوا على كل الداعين إلى نبذ تلك الأفكار الهدامة سواء بإسكاتهم أو تهجيرهم أو قتلهم تحت شتى الذرائع لكي يخلو لهم الجو والتفرد بسرقة ثروات العراق وتفتيت
البلد إلى أوصال وبيع أهله في أسواق النخاسة الدولية
من هنا ومن هذا المنبر الحر أدعو العراقيين بكل أطيافهم وأديانهم ومللهم وقومياتهم أن يقفوا بكل عزيمة وإصرار ضد هذا المخطط القذر وكل مخطط مستقبلي يرمي إلى إفراغ العراق من محتواه التاريخي والحضاري والاجتماعي والإنساني من جهة والإساءة إلى الرموز الدينية من جهة أخرى وأن يحافظوا على ((بابلنا)) ومصادر حضارتنا الأخرى وأن لا يتركوا من يريد قتلها لأنها ما تبقى لنا من عراقيتنا وعراقتنا