بصعوبة استطاع كمال ان يتحدث لانه كان منشغلا باعداد وجبات الطعام الشرقية التي باتت السمة المميزة لاكثر المدن الالمانية ، برأيه وبدا في عمله انه يتحدث اكثر من لغة تعلمها هناك وهي اكثر المهارات التي تعلمها بعد ان مضي ست سنوات على هجرته .
كمال الذي عانى كثيرا حتى وصل الى المانيا ودفع مبلغا كبيرا، يعيش مع اشقائه الستة وعوائلهم ايضا في مدينة فرايبورك جنوب شرق المانيا يرى بان لا مستقبل لهم هنا " اذا لم يكن لك الحق بان تملك شيئا والكل ينتظر المساعدة وساعة الفرج". التي لم يوضح معناه .
واشار بسرعة وهو يعد وجبة من الطعام لزبونة المانية " الوقت هنا يداهمنا، السرعة هي عنوان الحياة، ولكن للاسف لم نستطيع ان نواكبها كما هم".
وشرح السبب في ذلك " للاسف عشرات بل مئات من الشباب الكورد هنا بلا مستقبل ، لأنهم اضمحلوا في وسط هذا المجتمع المفتوح".
كمال عبدالله28 سنة الذي وصل المانيا في عام 2005 يقول ان السبب في تركه لبلده كان الارهاب حيث كان يسكن بالقرب من الموصل . الاغرب فيما صرح به كمال عندما قلنا له متى تركت العراق قال " كان الوضع صعبا وبسبب صدام ومشاكله جئنا هنا". حيث لم يكن يعلم انه في عام 2005 لم يكن هناك صدام حسين ولا اعوانه، ولذلك قال ، قصدي ان ازلامه كانوا يسببون لنا المشاكل مع المتطرفين في الموصل، وبشيء من الخوف قال" لا تذكر اسمي الصريح ، لأنه حتى هنا لا زلت اخاف". يبدو ان خوف كمال اصبح متأصلا في وجدانه ، هكذا عبر عنها عندما قال " كنت اعيش مرتاحا مع عائلتي واشقائي ولكن الارهابيون قتلوا احد اقاربي وهددونا بدفع مبلغ كبير من المال انذاك( 40000) اربعون الف دولار وسرقوا استولوا على شاحنة لنا كنت اعمل عليها".
وكمال شأنه العشرات الاخرين يرى ان لا مستقبل للشباب الكورد في المانيا اذ يقول " بعد اربع سنوات متواصلة من العمل تزوجت وانجبت ولدا اسميته خالد علًه يكون خالدا هنا ويعيش بأمان عكس ما عانيناه في وطننا".
عكس كمال ترى فيان خيري من دهوك وهي شابة في ال 26 من العمر تركت مدينتها منذ عشر سنوات ان للشباب مستقبل مشرق هنا. لكن بسرعة اضافت " لكن للاسف الشباب الكورد غير متمسكون بتقاليدهم ولا ينظرون للمستقبل البعيد بل يعيشون ايامهم بايام" ولم توضح فيان سبب خروجها من اقليم كوردستان ألا ان الغريب انها قالت انها تواضب على الدراسة ولكنها لم تعرف استخدام الانترنيت. الى جانب ذلك فان رؤيتها للمستقبل والبقاء في المانيا لم تكن مقنعة بل فقط مبررا للبقاء ، اذ قالت " لو بقيت في كوردستان لما كنت اقود السيارة ولما استطعت العمل لأعانة عائلتي".
ويهربون منك لاكثر من مرة صادفنا شباب من مناطق مختلفة من اقليم كوردستان، ففي حين ان سمة البعض كانت طيبة في التعامل وابداء المساعدة هرب اخرون منا، ظناً منهم اننا بحاجة الى مساعدة او اي شيء اخر. في الطريق الى واحدة من اسواق فرايبورك صادفنا أمرأة تعرفنا عليها مصادفة وقبل ان نكمل الحديث معها بعدما عرفناها من اين تركتنا كأنها تهرب من شيء مخيف في الشارع ؟!، رغم قولنا لها اننا لسنا في حاجة لأي شيء سوى اذا كانت لديها اي حاجة شيء نفعله من اجلها في دهوك، وصادف نفس الامر مع شاب اخر من دهوك فبعد ان تعرفنا عليه في محل لبيع الهواتف لم يعرف كيف يخرج من المحل بسرعة وتركنا هاربأ كأنه ملاحق.
في وقت اخر ان اخرين صادفناهم كانوا اكثر متعاونين وفرحوا لوجودنا هناك، اذ اصر احد الشبان ان يدفع ثمن وجبة طعام زملائنا رغم انه كان في وضع مزري اذ لم يكن قد حصل على الاقامة الرسمية بعد، ومن جانب اخر بدا شاب اخر من اربيل مندهشا الى درجة لم يكن يصدق ان هكذا مجموعة كبيرة( 12 شخص من جامعة دهوك ) تأتي الى المانيا للتدريب والحصول على تأشيرة الدخول من اربيل. هشيار سعيد شاب في السابعة والثلاثين من العمر وصل المانيا في عام 1999 ولكنه لم يكن سعيدا في حياته منذ وصوله والى الان اذ قال " بعدما استقريت هنا لسنة تزوجت من فتاة المانية وانجبت منها فتاة ولكن لم نبقى مع بعض لاننا لم نتوفق فيما بيننا".
واضاف هشيار الذي ترك اربيل في ظروف صعبة جدا كما اوضح، "الحياة صعبة جدا هنا والمستقبل مجهول ولا اعلم كيف تمضي بنا الايام هنا" الامر الابرز الذي عدًه هشيار صعبا هو " يوما بعد اخر نمضي الى المجهول ونترك بلدنا خلف ظهورنا لأننا نعيش هنا بلا تخطيط مستقبلي" غير هذا الامر يرى هشيار الذي يدير مطعما للاطعمة السريعة في احد احياء فرايبورك ان " الامل بالمستقبل في بلدنا افضل مما موجود هنا ولكن العودة صعبة حيث لكل واحد منا مشاكله الكثيرة" هشيار الذي قال انه يتحدث ست لغات ( الكوردية والعربية والالمانية والتركية والفرنسية والفارسية ) للاسف اغلب الشباب هنا من بلدنا لايواظبون على الدراسة ، لكل واحد مشاكله ولذلك يركضون وراء الملذات اكثر مما وراء بناء المستقبل". ولانه لم يريد الحديث عن زواجه وطلاقه قال " ستظهر عشرات المشاكل للشباب الكورد هنا وخاصة الجيل الجديد لأنهم يعيشون بأزدواجية كبيرة ".
وبحزن ظاهر قال هشيار " لايوجد اروع من حنية الوالدين التي افتقدت اليهما كثيرا منذ اثني عشرة عاما لأن كل اموال اوربا لاتعادل البساطة التي يعيشها اهلنا في الوطن" فرايبورك التي لايوجد فيها الشباب الكورد من اقليم كوردستان كما في غيرها من المدن الالمانية حيث عددهم قليل، يقول عامر عيدو وهو محامي ترك البلد منذ 17 عاما ان مشكل الشباب الكورد فعلا اغلبها الازدواجية في طريقة العيش هنا.
واضاف عامر " يعيشون في بلد متحضر وضيعوا المشيتين فهم لاغربيون ولاشرقيون ايضا" لكن الامر المهم الذي قال عامر انه سيلحق خسارة كبيرة بهم هو " انهم يفقدون هويتهم شيئا فشيئا في ظل الحرية التي يرون بانها كل شيء عكس ابناء البلد الاصليين".
واشار عامر الذي يعيش مع عائلته هناك ويعمل مترجما ايضا ان "اكثر الشباب هنا يعيشون بالعكس مشاكلهم كثيرة لاتوجد بينهم روابط عائلية ويصعب عليهم الاندماج بالطريقة الصحيحة لان الاندماج خطوة مهمة هنا".
وعن ابرز الاعمال التي يمارسها الشباب من اقليم كوردستان هنا قال عامر، " للاسف لايمارسون الاعمال الحكومية لأنهم لايسلكون الطريق الصحيح لذلك، رغم توفر الفرص احيانا للعديدين منهم" وبين عامر ان التعاطف الذي يبديه الشعب الالماني مع الكورد لم يستغله الكورد هنا لأنهم "يعيشون في روتين يومي دون التفكير مليا بالمستقبل".
وبحسب عامر ان الاف الشباب الكورد هنا في المانيا يعانون من الكثير من المشاكل ولذلك لايريدون العودة الى بلدهم وهم خالي الوفاض وكذلك بسبب عدم توفر فرص العمل المناسبة فيه ايضا . مشيرا انهم "في كل الاحوال سند لبلدهم ولذويهم وساعدوهم كثيرا في ايام الضيق.