أمريكا وإيران ولعبة الصدريين
كثير هو الحديث اليوم عن الصدر وحملته والإصلاح، وكثير هو الترويج عن وطنية الصدر في ضل الإخفاقات والإفلاس والاحتلالين المتخادمين الأمريكي والإيراني... كنا سنشرح الوضع بسلسلة من التغريدات لكن خلاصة شاملة قد تكون اكثر نفعا خصوصا أن متابعينا يعلمون أنا قد غردنا بما قام به الصدر قبل حدوثه باسبوعين تقريبا. وضع أمريكا مع العبادي الضعيف ؟ أمريكا تريد إصلاح على مزاجها يشمل قبول الأحزاب المنتمية إلى إيران خطوات ولو شكلية تعيد بعض السنة إلى الواجهة لكي تروج أن العملية السياسية تشمل كل المكونات وأن المشكلة الوحيدة في الكون هو تنظيم الدولة الإسلامية )بالواقع هذه مشكلة الأمريكان مع السنة من أول يوم للاحتلال( أهم شيء في ذهنية الأمريكي هو بقاء العملية السياسية وكثيرا ما يخلط ملفات عراقية مع إيران لإبقاء هذا الخط حي معهم لأنهم ضامن لبقاء العملية السياسية تلك. إيران بصبرها السياسي تستغل هذا الأمر لشراء الوقت وتغيير الواقع على الأرض عبر الجرائم المستمرة بحق الأخوة السنة من تهجير وتشريد وقتل وتغيير ديموغرافي بحيث أيما كانت نتيجة المسار مع الأمريكي تكون هي أي ايران المستفيد الأول بنسب متفاوتة لا اكثر... نأتي عليها لاحقا. وضع إيران مع العبادي الضعيف ؟ إيران تملك اكثر من حصان في حلبة العراق أولها المليشيات الإجرامية التي تنفذ أجندتها على الأرض... كذلك لديها حزب الدعوة بشقيه العلني فرع العبادي والفرع الاحتياطي وهو خط المالكي الدائم الذي تلوح به للمغفلين بين فترة واخرى … وكلاهما يتخادمان رغم أي خلاف يروج بالإعلام. ولدى إيران ورقة الحكيم الانتخابية التي تخاطب بها من هم ليسوا من الشيعة ودول الساحل الخليجي وتستخدمه انتخابيا لإشعار خيولها بوجود بدائل لهم في حال المشاغبة في ما بينهم على لمفاسد السلطة. ولديها الصدر الذي تستخدمه حسب الحاجة وتهدده حسب الحاجة. وكذلك لديها قفاز الحزب الإسلامي الإخواني الذي تدعمه بشدة عبر أمينه العام أياد السامرائي الدوري الأصل والإيراني من ناحية الأم وصاحبه سليم الجبوري الذي باعهم ديالى مقدما ويفاوضهم على الموصل بالتنافس مع أثيل النجيفي المدعوم تركياً... أي أن لإيران ما يكفيها من المحسوبين على السنة من مشعان والهميم وآخرون ذكرناهم ولم نذكرهم لتقول للعالم أن حكومة بغداد التي تحب أن تكون على مزاجها شاملة لكل المكونات … وأن إيران ليست بحاجة إلى سنة تأتي بهم أمريكا لتكون هذه الحكومة شاملة وهنا مشكلة الأمريكي الذي يريد أوراق سنية يستمر باستخدامهم في بغداد بعد أن ايقن أنه افلس استراتيجيا من الأحزاب الشيعية، علما أن إيران قد نجحت بالتخلص من سنة العملية السياسية سابقا وعليه لا نجد مبرر منطقي لإيران لقبول التعاون مع الأمريكي بالتنازل … إلا استحقاق سياسي واحد وهو الموصل أيضأ نفصله … وهنا نأتي على دور الصدر الآن دور الصدر؟ بعد أن بينا وضع القوى المحتلة نستنتج أن الخلاف ما هو إلا على شكل التعاون بينهم ودرجة الفائدة لكل طرف لإبقاء العراق ضعيف ومنهوب لصالح كافة الحكومات الإقليمية والدولية ذات الصلة. هنا وقبل أن يتحرك الصدر بأسبوعين قلنا انه ينوي تشكيل حكومة تكنوقراط ويقوم بسلسلة تظاهرات بهدف استباق الأمريكان وإحراج حكومة العبادي تحت شعار أين الإصلاحات … وهو الذي منح المالكي ١٠٠ يوم ليسحق التظاهرات في ٢٠١٢ … ومشارك في الحكومة ولا يملك من الكوادر من يستطيع تقديمه على انهم من الكفاءات اصلا وفعلا قام بذلك واختار أن ينزل إلي الشارع بعباءة المطالبة بالإصلاح السياسي والاجتماعي ونزل جمهوره العددي إلى الشارع وخرجت بعض المسرحيات التي هيجت المشاعر كمسرحية محاولة اغتياله والتظاهر لمليشياته في الشوارع بسلاحهم وقرب الخضراء … وحين افزع الحكومة هجوم تنظيم الدولة في أبي غريب صرح بأنه أعطى أوامره لمليشياه بالنزول إلى الشارع لحماية بغداد … كلها تصريحات قد تنطوي على المغفل أو الذي ما زال يتأمل خيرا من العملية السياسية خوفا من البطالة أو المجهول … لكنها لا تصل إلى حد أن تشكل أي خطر على المنظومة الحاكمة لأن الأساس عند هذه الأحزاب .. أن لا يصل أي خلاف بينهم لمرحلة تفقدهم السلطة .. وكثيرا ما يعلنون هذه صراحة لتخويف جمهورهم في الإعلام. إن إيران هي من حركت الصدر لترفع سقف تفاوضها مع الأمريكان وقائمة الصدر خير دليل لأنها لا تشمل أي خطوات حقيقية أو عملية لهذا الإصلاح المنشود صدريا … فقط شعارات نريد كذا وكذا نريد تمثيل اكبر وكراسي لكن الصدر لم يتطرق إلى حقائب وزارية وانسحب ليلا من الاجتماع تحت ضجيج إعلامي مستمر يروج لخلاف … السؤال للصدر … خلاف على ماذا إن لم تقم بتقديم أي شيء ملموس للطاولة ؟؟؟ أمريكيا الموصل أستحقاق وباب التنافس المحلي والإقليمي بينما يروج الأمريكان أن ليس لهم سياسة واضحة في العراق … نجدهم على الأرض يلعبون توازنات حساسة جدا لإبقاء كافة الأطراف الصغيرة في الداخل تتنافس وتضعف في ما بينها وكذلك إقليميا لتحصد النتيجة في النهاية. الأمريكان لديهم خطة واضحة وناجحة حتى الآن ونقاطها الأساسية كالتالي : ١- الاستمرار بقصف التنظيم بشكل يومي بهدف إضعافه تمهيدا للموصل ٢- دعم المليشيات لتجهيل وتهجير وقتل المكون السني وتدمير مدنهم بهدف جلب السنة إلى طاولة التفاوض ولعب دور الصحوات مجددا ودعم خليجي يدير ملف السنة في الأنبار وتحملهم تمويل إعادة بناء المدن بحجة أن داعش مشكلة سنية وفكرها اصله من الخليج. ٣- استغلال الصراع مع التنظيم لاستنزاف الحشد أيضا وإبقاء حكومة بغداد مفلسة بهدف إجبار الأحزاب الشيعية على قبول عودة السنة المطرودين لتستعيد أمريكا تأثيرها في بغداد عبر حصان السنة المستهلكين أصلا والعاطلين عن العمل وستطعمهم ببعض الوجوه الشبابية ٤- استغلال الصراع الحالي لسرقة المزيد من حقول النفط قرب الموصل لصالح أصدقائها في الإقليم الكردي وسحب كركوك إلى الإقليم تعاملاته النفطية. بما يضمن قبول تركي لإدارة الأكراد وعرب الموصل بالتوازن المتبادل بينهما. لن تتحرك أمريكا في ملف الموصل حتى تضمن استجابة لمطالبها في بغداد تكسب بها أوراق جديدة في العاصمة وتضمن استمرارية تمويل كيانها في أربيل. وكل ما يتم من عمليات قريبة على الموصل هدفها كسب بعض المناطق الاستراتيجية بحيث يكون حسم الموصل سريعا فور حصول هذه الاتفاقات. كل هذا يبقى في المنظور الأمريكي طبعا. وتبقى نتائج هذه الاستراتيجية مرهونة بنجاح هجوم الموصل أو نجاح توغل إيران في ملف الموصل واضطرار الأمريكان الاعتماد عليهم ومليشياتهم كما حدث في تكريت وبيجي والرمادي إلى حد أقل حرصوا على عدم ترويجه في وقتها والان يتكرر في الفلوجة. الموصل في عقل الإيراني بينا كيف يفضل الأمريكان تقدم المشهد ولكن ماذا عن إيران؟ إيران تملك زمام المبادرة في بغداد وقد تقبل بعض التنازلات المرحلية للأمريكي وتنقلب عليها مستقبلا ويمكن تقييم هذا الأمر عبر قياس درجة حرارة مقتدى الصدر فأن برد علمتم أن اتفاق قد تم بين الأمريكان والفرس في بغداد وستجدون بعض التجار السنة والمتقاعدين حركتهم قد ازدادت وتغريداتهم إيجابية تجاه العملية السياسية وأن الصدر قد أعطى لحيدر العبادي ١٠٠٠ يوم وليس ١٠٠ يوم … والثمن ؟؟ الموصل .. أن يكون للحشد الفارسي الدور الرئيس في استعادتها وسيكون قفاز إيران هو الحزب الإسلامي بقيادة أياد وسليم وسيتم التخلص من أثيل النجيفي المنافس لهم أو اضطراره القبول بدور للحزب الإسلامي في الموصل بالتفاهم مع تركيا وإعادة أخوه اسامة إلى سلطة بغداد … هنا يكون قد أعاد الأمريكان الجميع للمربع الأول … ولكن تكون إيران قد طورت وجودها هذه لمرة لتحد من طموحات تركيا جنوبا عبر تواجد مليشياتها الغير منضبطة مع حزب العمال الكردي وتكون قد حاصرت الإقليم الكردي من الجهة الغربية لتكمل مخططها بالتخلص من البرزاني لاحقا وتحصد كل النتائج على الأرض. ثم تعود لتسحق سنة واشنطن ومن يمولهم في الخليج وتتنصل من اتفاقها المرتقب. هكذا يفكر الفرس الآن السنة في خضم هذا المشهد للسنة قيادات جيدة حريصة على عدم الانجرار وراء هذا المشهد المدمر لهم … وأيضا فيهم تجار واصحاب مشاريع شخصية يتاجرون بقضيتهم في الدول العربية يستلمون مبالغ كبيرة يستخدمون بعضها لإنشاء مشاريع تروج على أنها خدمة للناس والمهجرين وباقي المبالغ تصرف على شراء الذمم بهدف تحشيدها لخدعة استحصال الحقوق بالدعم الدولي وان المشكلة حلت وما على السنة فعله إلا ضمان عدم عودة داعش لمناطقهم ويمكنهم العودة إلى بغداد والمشاركة في إدارة الدولة.. وكأن إيران قد اختفت من المعادلة. بالواقع هؤلاء يلعبون دور السمسار الرخيص لأنهم بالواقع يطيلون عذابات المكون والأفضل لهم أن يجمعوا قواهم مع الآخرين وسد أي ثغرة قد ينفذ منها الأمريكي بحجة الإصلاح والالتزام بخط واضح ومعلن بعدم المشاركة بالعملية السياسية حتى يرون تغير حقيقي في بغداد أولا … ويكون لهم قوة مسلحة رسمية تضمن امنهم من جرائم المليشيات ويمكن ذلك بتطوير ميلشيا أثيل النجيفي على سبيل المثال بدل السماح للحزب الإسلامي التنافس ضده لصالح الحزبية الضيقة وإيران من خلفهم …. المؤسف أن كل من يعتقد انه يقوم بدور تعبوي موجه للأمريكان لن يصل إلى نتيجة بالأسلوب الذي يقوم به حاليا. الأمريكان يعرفون كل شيء ويراقبون كل المكالمات بين هؤلاء الساسة كما يسمون انفسهم، ولا قيمة لكل المكاتب التي شكلوها في واشنطن دون هيكلية مشتركة في ما بينهم أو مع القوى التي تمتلك شرعية حقيقية في الشارع السني لعدم انزلاقها وراء الخداع المستمر. ختاما نقول أن المشهد مفتوح على اتفاقات إقليمية أهم من الصدر وعنترياته وللصراع بقية أطول مما يعتقده البعض فلا يمكن للأمريكي أن يترك مرحلة ما بعد داعش كما يسمونها دون خريطة سياسية جغرافية ونفطية جديدة تضمن ضعف السنة ولا يكمن التكهن بنتيجة استمرار الجوع والإفلاس بما لا يتناسب مع مصالح المتنافسين الأصدقاء في العراق في ضل وجود داعش التي تستطيع ضرب الاستقرار في بغداد في أي وقت تشاء لتصعد بذلك سقف التنافس بين الاحتلالين بوجود أو عدم وجوس سنة يشرعون اللعبة الجديدة. العراق للإحصاء ٢٠١٦/٣/١٢ |
العراق للإحصاء
الأرشيف
May 2016
التصنيف |