في الثاني والعشرين من شهر أذار الماضي- وفي مؤتمر صحفي مشترك مع السيد علي الدباغ الناطق الرسمي بأسم الحكومة- أعلن وزير النفط الحالي السيد عبدالكريم اللعيبي عن أن الأيرادات النفطية المتحققة منذ الأحتلال في 2003 ولغاية أذار 2011 بلغت 289 مليار دولار (بالأضافة الى الأرصدة المجمدة للنظام السابق والمبالغ التي كانت في حساب النفط مقابل الغذاء لدى الأمم المتحدة والقروض وغيرها من هبات ومساعدات)
و للمقارنة مع الأيرادات التي أستلمتها الحكومات والأنظمة السابقة حسب ما نشر في مصادر عدة منها الأحصاءات الرسمية لمنظمة الأوبك المتوفرة تبين أن أجمالي الأيرادات منذ عام 1970 لغاية عام 2002 (داخل) أي لغاية الأحتلال الأمريكي هي 262 مليار دولار
لم نعثر على أرقام الأيرادات منذ البدء بتصدير النفط العراقي في حوالي عام 1938-1939 الا أنه بتخمين تقريبي اعتمادا على أرقام الأنتاج والصادرات النفطية و لما كانت تتقاضاه الحكومات من عوائد ورسوم نجد أن الأرقام منذ تأسيس الدولة العراقية في 1920 ولغاية الأحتلال في 2003 بلغت بحدود 270 مليار دولار بالمقارنة مع 291 مليار دولار التي تم الحصول عليها خلال فترة الأحتلال.. مع الأشارة الى أن المقارنة اعتمدت الأرقام الفعلية لكل سنة ولم يتم تحويرها لتعكس القيمة الحقيقية في الوقت الحاضر .
الأرقام تتحدث عن نفسها ولكنها لا تمثل سوى الجزء الأول من الحقيقة؟
أين صرفت الأموال في ظل العهود السابقة وكيف يتم صرفها اليوم؟
خلال فترة مجلس الأعمار في العهد الملكي نفذت مشاريع طرق وجسور ومصفى النفط في الدورة وغيرها.
وخلال حكم الزعيم عبدالكريم قاسم نفذت العديد من مشاريع أسكان وطرق ومصانع ثقيلة وغيرها رغم صدامه مع شركات النفط الأحتكارية وأصداره القانون رقم 80 لسنة 1961 .
وفي عهد الرئيسين عبدالسلام وعبدالرحمن عارف تم تأسيس شركة النفط الوطنية وحصر الأستثمارات النفطية بها ( قانون 97 لسنة 1967 ) وأنشاء معامل أستخلاص الكبريت وانبوب الغاز كركوك – بغداد ومعمل التاجي للغازات النفطية وتجهيز عشرة مصانع ومحطات توليد في بغداد بالغاز وغيرها.
وخلال السبعينات تم تأميم النفط والثورة الأنفجارية برفع انتاج النفط من 5،1 الى 4 مليون برميا وطاقة التصفية من 100 الى 700 ألف برميل يوميا ومدت أنابيب التصدير عبر تركيا والسعودية وشيد ميناء البصرة وغاز الجنوب وغاز الشمال اضافة الى مضاعفة طاقة توليد الكهرباء مرات عديدة ومصانع الحديد والألمنيوم والبتروكيمياويات والأسمدة والأسمنت والمستشفيات والطرق السريعة والسدود وغيرها وبالرغم من أن جزءا كبيرا من الأيرادات صرفت لتمويل الحرب مع أيران والتصنيع العسكري وغيرها وبغض النظر عن 8 سنوات حرب و13 عشر سنة من الحصار نتيجة أحتلال العراق للكويت وخروجه منها في حرب 1991 تم على أثرها تدمير جزء كبير من ركائز البنى التحتية والمشاريع الأنتاجية الكبرى.
قبل أشهر تساءل سماحة السيد عمار الحكيم عن الأموال وأين صرفت؟ وأعقبه بعدئذ وزير المالية في حكومة المالكي الأولى السيد باقر صولاغ الزبيدي بنفس التساؤل؟ وهدد المالكي بمناقشة الأمر بجلسة متلفزة لمجلس الوزراء وبالطبع لم يتم ذلك ليومنا هذا.
أليس من حق العراقيين اليوم أن يقارنوا وبعيدا عن أي بعد سياسي بما تحقق سابقا وما (تحقق) في عهد الأحتلال؟
ما هي المنجزات التي تحققت بعد الأحتلال؟؟ ؟ هل هو الكهرباء ؟ أم الماء الصالح للشرب؟ هل بنيت مشاريع للمجاري ناهيك عن تدمير القديمة منها؟ كم من المصانع الثقيلة والخفيفة التي بنيت سابقا تعمل اليوم في مجال الحديد والبتروكيمياويات والأسمدة وغيرها وألاف المشاريع الصغية ضمن القطاعين الخاص والمختلط؟ هل بنيت المستشفيات والمدارس الحديثة والجامعات؟ هل تم مد طرق وخطوط جديدة للسكك الحديدية؟ هل تم انشاء موانىء جديدة؟ هل تحسنت البطاقة التموينية؟ هل هبطت أرقام البطالة؟ هل انخفض عدد العراقيين تحت خط الفقر؟
لقد هدرت أموال خلال 8 سنوات تفوق ما حصل عليه العراق لحوالي 80 سنة !
من حق كل عراقي أن يتساءل:
أين ذهب المال العام ؟ ماهي تفاصيل الانفاق الحكومي ؟ ما هو كشف الأنجازات والمشاريع التي تحققت بالتفصيل وبالأرقام ! أين تفاصيل محاضر وقرارات هيئة النزاهة حول الفاسدين والمفسدين ؟ أين شفّافيّة الحكم الديمقراطي البرلماني المنتخب؟ وكم مسؤولا كبيرا قدم للمحاكمة؟
في ضوء أستمرار ارتفاع أسعار النفط العالمية يتوقع أن تزيد أيرادات النفط خلال عام 2011 لأكثر من 100 مليار دولارأي اكثر من التخمينات الأولية المعتمدة في الميزانية وبالتالي سيكبر حجم هدر الأموال ويتعاظم الفساد !
الحذر الحذر! والمراقبة والتشخيص والكشف والأشهار للفاسدين والمفسدين !
مواطن عراقي
عصام الجلبي