المصدر: البريد الالكتروني 2011/07/18
جريدة المستقبل العراقية في 11/7/2011
كاظم فنجان الحمامي
لم تكن القفزات النوعية, التي حققها أردوغان عائدة إلى طيبته التي اقتبسها من اسمه, وإنما تعزى إلى ذكائه المفرط في الضحك على ذقون قبائل آخر الزمان من بقايا العرب العاربة والعرب المستعربة, وتعزى أيضاً إلى دهائه وحنكته في استرداد نفوذ الإمبراطورية العثمانية, التي بسطت سلطانها على مدى ستة قرون على الأرض العربية الممتدة من البصرة الفيحاء إلى البصرة الكتان, ومن طرابلس اللبنانية إلى طرابلس الليبية, والتي نهبت ثرواتنا وصادرت حقوقنا باسم الخلافة الإسلامية. فجاء السلطان أردوغان ليستعيد أمجاد الباب العالي وغزوات الجيش الانكشاري وراياته الحمر, ويباشر بتنفيذ سلسلة من المشاريع الأناضولية الواسعة في معظم العواصم العربية, وينطلق من جديد في مغامرات التتريك, بأساليب مبتكرة لم تكن تخطر على بال مصطفى أتاتورك, ولا على بال السلطان سليمان القانوني, فتجلبب بجلباب التدين, وتظاهر بالورع والتقوى, ففتح له عرب الألفية الجديدة قلوبهم المطبوعة على براءة الحملان, ومنحوه صلاحيات مطلقة لمراقبتهم ومحاسبتهم, وفوضوه في البت بأمورها, وتصحيح مساراتها, حتى صار يتعامل مع الملوك والأمراء والرؤساء العرب (في يوم وليلة) بروح استعلائية, وكأنه هو الوصي عليهم, والمسئول عن تصرفاتهم,
أردنا من خلال هذا الموضوع أن نزيل الغشاوة الضبابية, التي تخفي الحقيقة عن عامة الناس, ونسلط الأضواء على المخططات السياسية الخبيثة, ونكشف الملابسات التي رافقت التطلعات الأناضولية الأردوغانية, والتي يمكن إدراكها واكتشافها من دون عناء, بمجرد طرح الأسئلة الآتية, من مثل: هل يستطيع أردوغان اعتماد سياسات معادية لإسرائيل ويبقى في الوقت نفسه عضواً في حلف شمال الأطلسي وحليفاً حميماً للبيت الأبيض ؟, وهل يستطيع أردوغان أن يطرد القوات الأمريكية من قاعدة أنجرلك التركية ؟, وهل يستطيع أن يعمم مبادئه الداعية إلى تحرر الشعوب من قيود الظلم والاستبداد, فيشمل أكراد تركيا بهذه الحقوق, التي يزعم انه آمن بها وناضل من اجلها ؟, وهل يستطيع أن يكف عن خططه الرامية إلى تجفيف دجلة والفرات ؟, ويأمر الشركات الإسرائيلية المنفذة بالتوقف عن بناء سلسلة السدود الكثيرة (22 سداً) جنوب شرق هضبة الأناضول ؟.