المفتش الأميركي لإعادة اعمار العراق يكشف سر المليارات العراقية المفقودة
السبت، 19 تشرين الثاني، 2011
من المفترض ان يقدم المفتش العام الاميركي الخاص بإعادة إعمار العراق إلى لجنة من كبار المسؤولين العراقيين نتائج المراجعة المحاسبية لـ6.6 مليارات دولار يعتقد أنها مفقودة أو مسروقة من أموال إعادة اعمار العراق.
وقال المفتش العام الاميركي ستيوارت بوين، في لقاء مع صحيفة ناشيونال جورنال نشر مؤخرا ان المراجعة الفدرالية "وصلت الى نتيجة جيدة" من خلال تحديد وجود 6.6 مليار دولار لا يمكن تفسير صرفها بشكل صحيح، من اصل أموال تبلغ 21 مليار دولار من الأموال العراقية التي أدارتها الولايات المتحدة في العامين 2003 - 2004. وكشفت مراجعة الحسابات أدلة كافية على أن هذه الأموال كلها تقريبا تم نقلها الى البنك المركزي العراقي عندما تم حل سلطة التحالف المؤقتة في ربيع العام 2004 ، على الرغم من سوء ضبط الحسابات والادعاءات العراقية الأخيرة أن الولايات المتحدة سرقت المال.
وأضاف بوين "هناك رأي سائد داخل الحكومة العراقية، وبصراحة في معظم أنحاء البلاد ، أن الولايات المتحدة أساءت إدارة الأموال العراقية في الأيام الأولى من البرنامج. وهناك بعض الجدارة بخصوص هذه النقطة "، مستدركا "لكن على العراقيين ان يقروا بتورطهم بالمخالفات التي وقعت."
تم تسليط الضوء على مسألة المليارات "المفقودة" خلال موجة من اهتمام وسائل الإعلام في حزيران الماضي اثر مقالة لصحيفة لوس انجليس تايمز نقلت عن بوين قوله إن الأموال المفقودة يمكن أن تمثل "أكبر سرقة أموال في التاريخ القومي". يصر بوين الآن ان تلك التصريحات اقتطعت من سياقها. واوضح: "ما قلته هو أن [الأموال] لم يعرف مصيرها، ولم نعرف أين كانت؟ وكنا نحاول الحصول على هذا الجواب". وأضاف بوين أن "عبارة " انعدام المساءلة" جرى تحويرها في الصحافة والمدونات إلى" أموال مفقودة "ثم إلى" مسروقة ".
واستدرك بوين "مع ذلك ، فإن اهتمام وسائل الإعلام "كان له تأثير في إثارة" مصرف الاحتياطي الاتحادي في نيويورك والبنك المركزي العراقي إلى "أن يكونوا أكثر وضوحا في التوثيق"، مما يسمح في نهاية المطاف لمكتب المفتش العام الخاص باعادة اعمار العراق أن يختتم تحليله ويحدد موضع الأموال بعد رزمة من البيانات من المؤسستين التي وصلت إلى مكتبه.
وقال بوين انه على الرغم من أن العراقيين كتبوا إلى الأمم المتحدة في حزيران يزعمون ان الولايات المتحدة سرقت الأموال "فإنهم الآن يفهمون الحقائق".
ولكن ذلك ليست نهاية القصة كما قال بوين ، الذي يقوم مكتبه بعلميات تدقيقا حول كيف أنفقت وزارة الدفاع خمسة مليارات دولار في العراق في مشاريع الإغاثة وإعادة الإعمار في العامين 2003 – 2004، وأضاف "أنا متأكد من أن هناك بعض عمليات الهدر في الأموال في تلك العملية أيضا، والحصول على وثائق حول ما حدث في العراق هو شيء يصعب القيام به. "
ويتطلع مكتب المفتش العام أيضا إلى ما حدث للمشاريع بعد أن تم نقلها الى السيطرة العراقية ، وهو أمر لا يزال يشكل "علامة استفهام كبيرة" ، حسب تعبير بوين الذي تساءل "هل مازالت تلك المشاريع قيد الاستخدام؟ هل تجري صيانتها؟ أم أنها وقعت في دائرة الإهمال والتردي". وما اهو أكثر أهمية من ذلك، يريد العراقيون قائمة كاملة لمشاريع إعادة الاعمار في ذلك البلد، أو بتعبير بوين: (يريدون معرفة) "ما بنيناه ظاهريا بتلك الأموال، ونحن نحاول الحصول على هذه القائمة من اجلهم".
وكان تقريران حكوميان أميركيان صدرا في شهر تشرين الأول الماضي احدهما للمفتش العام لإعادة اعمار العراق، قد كشفا بحسب ما نشرته صحيفة هافنغتون بوست الاميركية، ان احد جنود مشاة البحرية الاميركية في العراق أرسل إلى بلاده 43 ألف دولار اميركي نقدا سرقها عبر إخفائها في خزانة أمتعة شخصية بين الأعلام الأمريكية. فيما شحن جندي ألافا من الدولارات مخبأة في لعبة محشوة على شكل حيوان. فيما خدع موظف في السفارة وزارة الخارجية وأرسل 240 ألف دولار أميركي في حسابه المصرفي الأجنبي.
وتشمل بعض الحالات المذكورة في التقريرين على الأتي: الرقيب في سلاح المدفعية اريك هاميلتون اعترف بأنه مذنب جراء تواطئه في ما يقول ممثلو الادعاء بأنه مخطط لمساعدة مقاولين عراقيين على سرقة 70 مولدة كهرباء كان الغرض منها تزويد مشاة البحرية بالكهرباء. وهناك أيضا عدد من موظفي الحكومة الأميركية، الذين تلقوا رشاوى من أجل توجيه عقود لمتواطئين محلليين ووفروا معلومات لأناس كانوا يتنافسون للحصول على عقود. ووجهت إلى رقيب سابق في الجيش لم تكشف هويته، تهمة استلام مبلغ بقيمة أكثر من 12 ألف دولار نقدا لم يستردها مقاول بعد أن سرقها رقيب آخر في الجيش وأرسلها بالبريد إلى كاليفورنيا داخل حشوة لعبة على شكل حيوان.
وأدين احد موظفي السفارة الأميركية (وهو من أصول أردنية) واسمه أسامة عصام سليم عياش، في نيسان بتهمة سرقة ما يقرب من 240 ألف دولار أميركي كانت مخصصة لتغطية رسوم الشحن والجمارك التي تتكفل بها وزارة الخارجية عند نقل الامتعة المنزلية التابعة لموظفيها. وأرسل المبلغ لاحقا إلى بنك في الأردن.
وكانت الولايات المتحدة قد التزمت بإنفاق 62 مليار دولار لإعادة اعمار العراق 72 مليار دولار لإعادة اعمار افغانستان.
وسبق للجنة أميركية مستقلة بشأن التعاقدات الحربية أن قدرت في آب الماضي أن ما لا يقل عن 31 مليار دولار فقدت جراء الهدر والفساد في العراق وأفغانستان، مشيرة إلى أن إجمالي الهدر قد يصل إلى 60 مليار دولار. ولم تكتف اللجنة بتدقيق الأموال المخصصة لإعادة الاعمار، وإنما راجعت ما قيمته 206 آلاف دولار تتعلق بالدعم اللوجستي لقوات التحالف وأداء المهام الأمنية.
كتابات - / من صحيفتي ناشيونال جورنال وهافنغتون بوست الاميركيتين