المصدر: البريد الالكتروني 2012/02/02
في عراق الإسلاميين بناتنا للبيع.. من يشتري
زكي رضا
التصحر في الجغرافيا يعني تعرض الأرض للجفاف لأسباب كثيرة، وبالتالي عدم قدرة الإنسان على استغلالها في مجالات الزراعة والرعي. والجفاف والتصحر، يعتبران من أكبر وأخطر المشاكل التي تواجه الكثير من الدول، لما لهما من تأثير مباشر على الاقتصاد، وخصوصا البلدان الفقيرة التي لا تمتلك الإمكانيات المادية والتقنية للحد من هذه الظاهرة. ولكن هذه الخطورة تتضاعف لمرات عدة حينما يتجاوز التصحر حدود الجغرافيا، عند فساد سياسيي بلد ما وسرقتهم للمال العام، أي بمعنى آخر تصحر وجفاف ضمائرهم.
والعراق من البلدان المرشحة للتصحر بشكل كبير، رغم كل إمكانياته المادية والبشرية، القادرة على تحويله إلى جنة من الجنان، يعيش فيها الإنسان العراقي برخاء وأمن وطمأنينة، كيف؟، لأن الساسة الذين أوصلتهم المرجعية الدينية للسلطة، بفتاواها غير الحكيمة لانتخابهم من قبل جمهورها، هم من ألئك الساسة الذين تصحرّت وجفّت ضمائرهم ووطنيتهم، يشاركهم ساسة من الطرف الآخر، من الذين تصحرّت وجفّت ضمائره ووطنيتهم قبلها، عندما كانوا كساسة اليوم يتنعمون بمباذل السلطة وامتيازاتها، على حساب فقر الملايين من أبناء شعبنا، وبؤس الملايين من أيتامه وأرامله. ومن هؤلاء الأرامل الثكالى، ثكلى مدينة العمارة الغافية على محيط من النفط، والتي اضطرت تحت طائلة الجوع والعوز في بلد تبلغ ميزانيته 112 مليار دولار أمريكي لا غير، إلى بيع بنتين قاصرتين (11 و12 عاما!!) من بناتها الست، في سوق نخاسة الإسلاميين، مقابل ثمن بخس لا يتجاوز 1800 دولار أمريكي!! وقد يبرر أحدهم أنه عبارة عن زواج!!، ناسيا أن الزواج عبارة عن قبول ورضا من الطرفين، ودون إكراه أو ضغط أو بسبب العوز والفقر، خصوصا إذا كانت الفتاة قاصر وفق كل القوانين إلا القوانين الإسلامية على ما يبدو!! وهل يقبل أي مسؤول عراقي أو رجل دين بزواج، ولا أقول بيع ابنته ذات الأحد عشر ربيعا إلى رجل مسن!! من يقول نعم فهو دجّال، ومن يقول لا فهو مجرم.
1800 دولار ثمن بيع فتاتين من مدينة العمارة الشيعية، التي سار جموع مؤمنيها قبل أيام إلى حيث ضريح الإمام الحسين (ع) في مدينة كربلاء، التي بلغت خسائرها في زيارة الأربعين، وعلى لسان محافظها آمال الدين الهر مبلغا يقدر بـ 100 مليون دولار، نتيجة التدمير الكبير الذي طال البني التحتية، في مناسبة دينية لم تكن كما عهدناها طيلة التاريخ، بعد أن أجاد رجال الدين توظيفها لمآرب سياسية. 100 مليون دولار!! أي ثمن 100 ألف فتاة عراقية، فهل يرضى سيد شهداء أهل الجنة بهذا ؟؟ لا أظن.
ساسة العراق ورجال الدين…
إنني أسمح لنفسي بأن لا أخاطبكم بكلمة سادة، لأنكم بأفعالكم وفتاواكم التي أفسدت حياتنا وبلدنا، لستم سوى عبيد. عبيد هذه الدنيا الفانية، والتي قال فيها الإمام علي (ع) (يا دنيا غرّي غيري)، فهل ابتعدتم عن غرورها وشرورها؟ لا والله. وهل رعيتم ثكالى شعبكم؟ الذي يقول بحقهن إمام الأرامل “من عزّى الثكلى فقد أظله الله في ظل عرشه” فهل تتوقعون من أنكم ستكونون في ظل عرش الله، وأنتم شهود على بيع الثكلى لفلذّة كبدها؟ لا ورب العزّة. وهل ساويتم أنفسكم بالعامة؟ الذي يقول بحقهم إمام البؤساء “على أئمة العدل أن يقدروا أنفسهم بالعامة”، فهل تعانون شظف العيش كعامة الشعب؟ وهل تذهبون إلى نفس مستشفياتهم، وهل تعانون قيظ الصيف وزمهرير الشتاء مثلهم؟ إن كان الجواب بنعم، فانتم كذّابون، وإن كان بلا فإنكم لستم بأئمة عدل، بل أئمة باطل.
ساسة العراق ورجال الدين……
يقول إمام البؤساء “أشقى الرعاة من شقيت به رعيته” وها نحن نعيش في ظل حكمكم، البؤس والضيق والشدة، والمشقة والتعاسة والحزن، والجوع الكافر والموت اليومي، والجهل والخراب الروحي والجسدي، ولعمري من كانت رعيته كحالنا، لهو أشقى الرعاة. ما لكم لا بارك الله بكم تنصفون القوي وتظلمون الضعيف، ألم يقل إمام العدل “ظلم الضعيف أفحش الظلم” والعرش والذي يستوي عليه، ما أنتم إلا ظلّامين للعبيد
ألا سحقا لكم وسحقا لتلك العلاقات غير الإنسانية، التي جعلت العشائر (التي تنتصرون بها على المدنية والتحضر)، ذات سطوة ونفوذ. ولا أعرف أين هي عزّة وشرف وكرامة عشيرة هذه الأم العراقية، وهي تبيع عرضهم “عرضنا” في أرذل أسواق النخاسة. وأين هي علاقات الجيرة، التي جعلت الجار أن يغضّ الطرف عن جريمة قد تواجهه مستقبلا، وستواجهه طالما يحكم العراق جهلة وأميون؟ وأين هي أخلاق الإسلام والمسلمين، وهم شهود على بيع فتاتين بعمر الزهور، مقابل حفنة من المال لسد الجوع عن بطون خاوية، وهل يستطيع أي سياسي أو معمم أن يرشدنا إلى إحدى بلدان الكفر الأوروبية التي يبيع فيها الكفار بناتهم!
ساسة العراق ورجال الدين…..
بعد هذه الجريمة البشعة التي ارتكبتموها، بحق هذه الأرملة الثكلى وأيتامها، والتي أضيفت إلى آلاف الجرائم المرتكبة والتي ترتكب، بحق العراق أرضا وشعبا وثروات. لم يبق لكم إلا الاستقالة إن كنتم تحملون في دواخلكم ذرة كرامة، أو بقايا ضمير لم يجف بعد. فرجل الدين الذي لا يقوى أن يقول كلمة حق عند سياسي فاسد ولص وطائفي وجائر، ورجل الدين الذي يسوق الرعية إلى الجزار، بانتخاب الجزار مرتين لليوم استجابة لمطالبه، أولى به أن يستقيل من موقعه وليلزم بيته، لأن التاريخ والإنسانية ستجعله لاحقا في خانة، لا نتمنى أن يصل إليها رجل الدين يوما ما. رجل الدين هذا الذي فشل منذ قرون في زرع المحبة والألفة بين الناس، فتراهم يشيحون بوجوههم عن أرملة تبيع عرض فتيات قاصرات لتوفير لقمة الخبز، الأحرى به أن يستقيل. رجل الدين الذي يشيع الكراهية بين المسلمين لطائفية مقيتة، الأحرى به أن يستقيل. رجل الدين الذي يرى المنكر بأم عينيه ويشعره بكل حواسه ولا يغيره وهو قادر، الأحرى به أن يستقيل. رجل الدين الذي يتبع الغوغاء ويشيع الجهل والخرافات بين أبناء مجتمعه، الأحرى به أن يستقيل.
ساسة العراق ورجال الدين……….
أين مصير أموال العراق، ولماذا لا تصرف ضمن صناديق الرعاية الاجتماعية للذين بحاجة ماسّة إليها، كثكلى العمارة ومئات الآلاف غيرها من ثكالى العراق وأيتامهن، وأين هي أموال العتبات الدينية المملوءة ذهبا وفضة، ولماذا لا تصرف إلى مستحقيها من الفقراء والبؤساء والمعوزين، ولو جاءكم علي بن أبي طالب (ع) اليوم، ليسألكم عن الأموال التي تجمعونها من ضريحه المقدس وهي نفس أموال هؤلاء البسطاء، وسألكم عن أوجه صرفها فبماذا ستجيبوه، أم سيكون بينكم ألف بن ملجم لتفلقوا هامته، قائلين للعوام من الناس…. إنه شيوعي.
يا لله من ظلمكم، يا للوطن من حقدكم…. يا للشعب من سرقاتكم… يا للأرامل والأيتام من جوركم.
في عراق الطوائف لا يجوع المعممون