صفقة الانسحاب أمريكي وملئ الفراغ الإيراني
ننشره للأهمية
د. مهند العزاوي
صرح وزير الدفاع الأمريكي بانيتا مغازلا إيران بعدم التدخل بالعراق بعد الانسحاب الأمريكي! ويبدوا انه يستغبي الشعب العراقي ويمارس التلاعب بالعقول, ويتناسى حجم التخادم الإيراني الأمريكي والتعاون المزمن وكان قد صرح محمد علي أبطحي نائب الرئيس الإيراني للشئون القانونية في ختام أعمال مؤتمر عقد بإمارة أبو ظبي مساء الثلاثاء 13ـ1ـ2004م ويقول مفتخرا ومنتشيا " لولا إيران لما سقطت كابول وبغداد " وإنَّ إيران قدمت الكثير من العون لأمريكا في حربها في أفغانستان وفي بغداد", ويسال الكثير من الباحثين والخبراء عن طبيعة ونمط هذا التخادم, وفسحة الدور الإيراني المتفق عليه, وتبادل الأدوار المثير للسخرية والشك في ظل الانتهازية الغربية والأمريكية وتوظيف انفلات إيران لأهداف مريبة .
تشير الوقائع إلى اكتمال صفقة إيرانية أمريكية لملئ أيراني للفراغ الأمريكي في العراق , إذا ما أخذنا بنظر الاعتبار أن ابرز بنود الصفقة تضمن تامين الانسحاب الأمريكي الهادئ عبر جنوب العراق المسيطر عليه إيرانيا , مقابل حرب وكالة لإيران في العراق , ومنذ عام 2009 وحتى اليوم جرى انسحاب 130 ألف جندي أمريكي يضاف لهم ثلاث مقاتلين "لوجست - أسلحة متطورة – معلومات" أي نخرج بحاصل 520 ألف مقاتل أمريكي انسحبوا عبر جنوب العراق مع معدات وتجهيزات حرب متطورة كبرى, ولعل الانسحاب وهو من أصعب صفحات الحرب وخصوصا بالتماس, ولم تتعرض هذه القوات الجبارة للهجوم من قبل إيران وفقا لضجيج تصريحاتها وترهيب مليشياتها المزمن.
باشرت إيران منذ ذلك الوقت بملء الفراغ الغير شرعي في كافة المجالات بالعراق وأسهمت بقوة بقمع ثورة الغضب العراقي في 25 شباط وبموافقة أمريكية, وليمكن إغفال حقيقة أن إيران صنعت العملية السياسية في العراق بوشاح طائفي سياسي مليشياوي مخطط له بعناية, وتمكنت من القرصنة على توريد النفط العراقي,وتجريف الزراعة عبر قطع الأنهار والروافد عن مناطق العراق , والمطالبة العلنية بميناء "خور العميه" ورأس البيشه" العراقيين , وتلك المطالب تشكل احد ألمحارك الأساسية لتقسيم العراق ونهب ثرواته وتفكيك نسيجه الاجتماعي.
أصبحت إيران قوة سائبة ومنفلتة وتسخر مواردها المكتسبة من عملاء "التومان" لتطبيع احتلالها الميداني ألمخابراتي المليشياوي والإيديولوجي والاقتصادي الهدام , وعبر ممارسي التلاعب والترهيب "العملية السياسية فوبيا", وتلعب اليوم على المكشوف في العراق دون مسائلة دولية, وقد مارست كافة أنواع القمع والجريمة السياسية وجرائم الإبادة البشرية ضد الشعب العراقي, وكان معهد دراسات الحرب في واشنطن قد أصدر عدداً من الدراسات والتقارير عن «المجاميع الخاصة» في العراق منذ بدء الغزو وأدوارها الإرهابية , وأكدها "يوسف بودانسكي" في كتابه "التاريخ السري لحرب العراق"بحقائق تشير إلى إدارة ودعم إيران الإرهاب في العراق .
يشهد العراق عمليات وقائية واستباقية لملئ الفراغ الإيراني(الوجود الإيراني الذكي) بعد الانسحاب الأمريكي, ولعل الاعتقالات الأخيرة للضباط والنخب الوطنية , وتطهير الكفاءات تحت ذريعة الاسطوانة المستهلكة , يؤكد أننا نسير نحو ضيعة الملالي وولاية فقيه تابعة بالعراق وإزالة الكيان العراقي( الوطن – الشعب- الدولة), وقد مارست إيران وعبر أدواتها السياسية والمليشياوية سياسة الإلهاء السياسي عبر مسرحية ملفات الفساد وزاوجتها بالصدمة والإرهاب وقطع الأنهر وقصف كردستان العراق, للتمويه على الصفقة المبرمة, وعبر إدامة الصدمة والإرهاب بالبطش المطلق, وأشغال الرأي العام العراقي بالبؤس الشامل المفروض عليه منذ ثماني سنين , ويعد ابتلاعها العراق مكسبا سياسيا وعسكريا واقتصاديا يفوق قدراتها, ويلقي بظلاله سلبا على الاستقرار السياسي والمجتمعي في العراق والمنطقة يا ترى هل هو "تحالف مسئولية"؟ أم تقاسم نفوذ وقتي يصعب بيان غاطسه الحقيقي؟ أم أنها حرب بالوكالة؟ أم ملئ فراغ متفق عليه؟, أم نفوذ إقليمي كشرطي شرير في خاصرة المشرق العربي؟.
سيحاول وكلاء الحرس الإيراني من الوزراء والنواب والمجنسين عراقيا بعد الغزو وزعانفهم خارج العراق صرف أنظار الرأي العام العراقي والعربي والدولي عن عملية استكمال الاحتلال الإيراني للعراق, وذلك بافتعال أزمات أمنية , وأعمال إرهابية , وتفجيرات وسط الشعب, وتصعيد لحرب الاغتيالات المزمنة, وتوسيع الاعتقالات , وإشاعة التعذيب والاغتصاب , والقتل خارج القانون , وممارسة الصدمة والإرهاب السياسي ضد الشعب, ولذلك لابد من نهوض الشعب العراقي من كبوته وحشد جهوده , وتحديد بوصلته الوطنية , والتمسك بالهوية العراقية المستهدفة, وتحقيق التلاحم الجماهيري لمطالبة المجتمع الدولي بإزالة كافة أثار العدوان الأمريكي والإيراني, وتحرير معاهدات دولية لجلاء أمريكي ملزم بالتزامن مع تحرير معاهدة عدم اعتداء أيراني على العراق , ونشر قوات دولية على الحدود العراقية الإيرانية, وتجفيف منابع الإرهاب الإيراني الذي يضرب العراق, واستعادة الكيان العراقي المهشم , ومحاكمة مجرمي الحرب ممن ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية ونهبوا ثروات العراق , وليس صعبا على الشعب العراقي سبق وان هزم إيران وأذاقها مر الهزيمة.
[email protected]
الأربعاء، 26 تشرين الأول، 2011