كتابات - فيصل الياسري
قبل ابام شب حريق في احراش جافة قرب معسكر في قبرص ، وانتشرت النار في الهشيم بسرعة فوصلت الى احد مستودعات الجيش القبرصي محدثة انفجارات في خزين الاسلحة هناك ، وادى الحادث الى مقتل اثني عشر شخصا !!
في اليوم التالي استقال وزير الدفاع في الحكومة القبرصية والقائد العام للعمليات العسكرية في البلاد لشعورهما بالمسؤولية لانهما لم يتخذا اجراءات احترازية تمنع احتمال حدوث مثل هذه " الفاجعة " ...
القضية اذن نستطيع ان نضعها في خانة " القضاء والقدر" فهي ليست بفعل فاعل ، ولا تفجير ارهابي ، ولا نتيجة لتورط حراس او مسؤولين فاسدين ... وهي لا تحدث كل يوم ولا تتكرر مثيلاتها كي يحتاطوا لتكرار مثلها ... !!
هذه الحادثة القبرصية تجبرنا على المقارنة مع واقعنا العراقي ، فمنذ ثمان سنوات تتكرر عندنا الانفجارات والمفخخات والقذائف والحرائق والاغتيالات والخطف والقتل على الهوية والاغتصاب الفردي والجماعي ، وهروب العتاة من السجون بمساندة حراسها ، وحدوث جرائم لم يعلن عن نتائج التحقيق في اية واحدة منها ، وانتشارالرشوة والفساد والنهب واختفاء ملايين الدولارات والتستر على الفاسدين اوهروب بعض المسؤوليين الفاسدين والعفو عن مزوري الشهادات والوثائق ، والاعتداء على المتظاهرين السلميين المطالبين بتحسن اوضاع العباد ، واغتيال الصحفيين والاعتداء عليهم من قبل حمايات المسؤوليين ، وعرقلة مشاريع الاستثمار ، وتعطل المصانع والمعامل عن قصد وتعمد وروتين ، واستملاك الحكام الجدد لبيوت وقصور واراض لا يستحقونها، ... وقبل كل شيء تعطيل الدولة ومصالح البلاد منذ سنة في جدل عقيم عن شراكة وطنية مبهمة ووهمية ، وترشيق لحكومة هم اسسوها بهذا الحجم والضخامة لينشغلوا فيما بعد بترشيقها .. و..و....
نسأل ، انطلاقا من التجربة القبرصية ، الا تستحق اي من هذه القضايا " العراقية " المتكررة واليومية ، ان يستقيل احد ؟ مسؤول كبير او صغير ؟ ليس وزير او مدير عام .. على الاقل رئيس قسم ..او ضابط .. او جندي او شرطي على الاقل يستقيل لانه اعتقد انه " مقصر" في منع الجريمة وابعاد الاذى عن الناس ؟ ...
طوال ثمان سنوات لم يحدث شيء من هذا القبيل في العراق ولن يحدث على المستوى الرسمي الحكومي بكل مستوياته .. لان تركيبة رجال الحكم الحالي في العراق من طينة اخرى ، طينة تعتقد انها فوق الشبهات وفي منتهى الاخلاص والوعي في ادارة شؤون اليلاد ضمن وصفات حكيمة وخطط رشيدة ونوايا مبتكرة .. ولكن الشعب لا يفهمهم ولا يدرك مغزى ما يفعلون ، ويلح عليهم بمطالب سطحية ، ثانوية ، من نوع خدمات ، وكهرباء وماء وحرية تعبير ، ومكافحة الفساد والبطالة ، وتحقيق العدالة ... لذا فان الذي يجب ان يستقيل هو الشعب العراقي ، فهو المقصر حيث لا يترك "الجماعات " الحاكمة تكمل " مشوارها المرسوم " وتحقق "انجازاتها" و" مكاسبها " المنشودة ...!! .
تنويه / كتابات لا تتحمل أيّة مسؤوليّة عن المواد المنشورة .. ويتحمل الكُتّاب كامل المسؤولية عن كتاباتهم التي تخالف القوانين أو تنتهك حقوق الملكيّة أو حقوق الآخرين أو أي طرف آخر .